كيف نملأ فراغ الشباب والطلاب؟..

يجب أن نخوض في عالم (فراغ) الشباب طلاباً وغير طلاب، فالشباب من الطلاب مشغولون أكثر يومهم أو أسبوعهم أو شهرهم بالدراسة والمذاكرة، ولكن لديهم - مع ذلك فترات (فراغ) يومياً وأسبوعياً وشهرياً.. بل سنوياً! وهي العطلة الدراسية طويلة الأمد التي تمتد تقريباً من ثلاثة شهور أو تزيد!

والشباب من غير الطلاب، أي العاملين في وظائف الدولة أو العمل التجاري، أو المؤسسات الأهلية، لديهم (فراغ) أطول، وفترات راحة واستجمام أكثر!

وفي الحديث: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، الصحة والفراغ) رواه البخاري. وما أصدقه من حديث، وما أمرّه من واقع أليم يعيشه المغبونون في صحتهم وفراغهم، حيث يهدرونها في لغو ولهو، وفي عبث وضياع، دون انتفاع بعلم أو عمل، دون ممارسة لرياضة جسدية أو عقلية أو روحية.

والشباب هم أول المقصودين بهذا التوجيه التربوي السامي، فهم أكثر الناس صحة، وأوفرهم عافية بحكم أعمارهم الناشئة، وهم أرغب الناس في (الفراغ) وأجهدهم سعياً إليه، وبحثاً عنه، بحكم قلة مسؤولياتهم الاقتصادية والاجتماعية، بل انعدامها أحياناً! لأنهم مكفولون من آبائهم، ومن أولياء أمورهم: مأكلاً وملبساً ومركباً.. ولذلك فهم أعظم غبناً في صحتهم وفراغهم من غيرهم.

وأنا أشير إلى أن الآباء وأولياء الأمور ورجال التربية والتعليم والشؤون الاجتماعية - مسئولون مع الشباب عن شغل (فراغهم) بما ينفعهم، ويمتّعهم متعة نظيفة شريفة، وينفع في الوقت نفسه وطنهم ومواطنيهم من أعمال وخدمات اجتماعية وعمرانية، وتعليمية، ورياضية، وتربوية.

ثم إن هناك مجالات رحبة، وفرصاً عديدة أمام الشباب طلاباً وغير طلاب، لتكوين الجمعيات الثقافية والسياحية والرياضية، والقيام برحلات وجولات داخل مناطق المملكة على الأقل، والتطوع في أعمال البناء والمساهمة في تعليم الأمّيين، والاستزادة من الدراسة الحرّة في بعض العلوم والمعارف واللغات الأخرى، والقراءة والاطلاع والبحث.

إن هذه المصارف والمشاغل الجادة التي أقترحها لتكون بديلاً عن مصارف الشيطان ومشاغله التافهة الحقيرة .. أليس ذلك خيراً من أن ندع الشباب يلتهم الكتب والمجلات الهابطة، والروايات العاطفية التي تزيد الشباب نهماً، وتمد لهم في حبال النزوات، وتصرفهم عن الاهتمام بمعالي الأمور ومكارمها، إلى الاهتمام بالسخافات التي لا معنى لها؟؟ أليس ذلك خيراً من أن ندع الشباب في عالمنا العربي والإسلامي يقبل على نشر صورِهِ وعنوانه في المجلات، فيما يطلقون عليه (باب التعارف) ويذكر تحتها هواياته العابثة التافهة!!

أيها الشباب.. أليس ذلك خيراً لكم؟؟